لما أمر تعالى بقتال أهل الكتاب، ذكر من أقوالهم الخبيثة، ما يهيج المؤمنين الذين يغارون لربهم ولدينه على قتالهم، والاجتهاد وبذل الوسع فيه فقال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} وهذه المقالة وإن لم تكن مقالة لعامتهم فقد قالها فرقة منهم، فيدل ذلك على أن في اليهود من الخبث والشر ما أوصلهم إلى أن قالوا هذه المقالة التي تجرأوا فيها على اللّه، وتنقصوا عظمته وجلاله.وقد قيل: إن سبب ادعائهم في {عزير} أنه ابن اللّه، أنه لما سلط الله الملوك على بني إسرائيل، ومزقوهم كل ممزق، وقتلوا حَمَلَةَ التوراة، وجدواعزيرا بعد ذلك حافظا لها أو لأكثرها، فأملاها عليهم من حفظه، واستنسخوها، فادعوا فيه هذه الدعوى الشنيعة.{وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ} عيسى ابن مريم {ابْنُ اللَّهِ} قال اللّه تعالى {ذَلِكَ} القول الذي قالوه {قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ} لم يقيموا عليه حجة ولا برهانا.ومن كان لا يبالي بما يقول، لا يستغرب عليه أي قول يقوله، فإنه لا دين ولا عقل، يحجزه، عما يريد من الكلام.ولهذا قال: {يُضَاهِئُونَ} أي: يشابهون في قولهم هذا {قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} أي: قول المشركين الذين يقولون: {الملائكة بنات اللّه} تشابهت قلوبهم، فتشابهت أقوالهم في البطلان.{قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أي: كيف يصرفون على الحق، الصرف الواضح المبين، إلى القول الباطل المبين.