لما ذكر الله تعالى عقاب العاصين الظالمين، ذكر ثواب المطيعين فقال: { وَالَّذِينَ آمَنُوا ْ} بقلوبهم { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ْ} بجوارحهم، فجمعوا بين الإيمان والعمل، بين الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة، بين فعل الواجبات وترك المحرمات، ولما كان قوله: { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ْ} لفظا عاما يشمل جميع الصالحات الواجبة والمستحبة، وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد، قال تعالى: { لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ْ} أي: بمقدار ما تسعه طاقتها، ولا يعسر على قدرتها، فعليها في هذه الحال أن تتقي اللّه بحسب استطاعتها، وإذا عجزت عن بعض الواجبات التي يقدر عليها غيرها سقطت عنها كما قال تعالى: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ْ} { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ْ} { مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ْ} { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ْ} فلا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة. { أُولَئِكَ ْ} أي: المتصفون بالإيمان والعمل الصالح { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ْ} أي: لا يحولون عنها ولا يبغون بها بدلا، لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات وأصناف المشتهيات ما تقف عنده الغايات، ولا يطلب أعلى منه.