ثُمَّ بَعَثْنَا مِنۢ بَعْدِهِۦ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُوا۟ لِيُؤْمِنُوا۟ بِمَا كَذَّبُوا۟ بِهِۦ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ

تفسير إبن كثير : القول في تفسير قوله تعالي: سورة: يُونُس الآية:74

» تفسير إبن كثير

يقول تعالى : ثم بعثنا من بعد نوح رسلا إلى قومهم ، فجاءوهم بالبينات ، أي : بالحجج والأدلة والبراهين على صدق ما جاءوهم به ، ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ) أي : فما كانت الأمم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم ، بسبب تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم ، كما قال تعالى : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) [ الأنعام : 110 ] .وقوله : ( كذلك نطبع على قلوب المعتدين ) أي : كما طبع الله على قلوب هؤلاء ، فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم ، هكذا يطبع الله على قلوب من أشبههم ممن بعدهم ، ويختم على قلوبهم ، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم .والمراد : أن الله تعالى أهلك الأمم المكذبة للرسل ، وأنجى من آمن بهم ، وذلك من بعد نوح ، عليه السلام ، فإن الناس كانوا من قبله من زمان آدم عليه السلام على الإسلام ، إلى أن أحدث الناس عبادة الأصنام ، فبعث الله إليهم نوحا ، عليه السلام ؛ ولهذا يقول له المؤمنون يوم القيامة : أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض .وقال ابن عباس : كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام .وقال الله تعالى : ( وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا ) [ الإسراء : 17 ] ، وفي هذا إنذار عظيم لمشركي العرب الذين كذبوا بسيد الرسل وخاتم الأنبياء والمرسلين ، فإنه إذا كان قد أصاب من كذب بتلك الرسل ما ذكره الله تعالى من العقاب والنكال ، فماذا ظن هؤلاء وقد ارتكبوا أكبر من أولئك ؟

محرك بحث عميق
أي من الكلمات (Any word) كل الكلمات (All words)