أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُۥٓ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ

تفسير إبن كثير : القول في تفسير قوله تعالي: سورة: آلِ عِمْرَان الآية:83

» تفسير إبن كثير

يقول تعالى منكرا على من أراد دينا سوى دين الله ، الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله ، وهو عبادته وحده لا شريك له ، الذي ( له أسلم من في السماوات والأرض ) أي : استسلم له من فيهما طوعا وكرها ، كما قال تعالى : ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ) [ الرعد : 15 ] وقال تعالى : ( أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون . ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) [ النحل : 48 - 50 ] .فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله ، والكافر مستسلم لله كرها ، فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم ، الذي لا يخالف ولا يمانع . وقد ورد حديث في تفسير هذه الآية ، على معنى آخر فيه غرابة ، فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني :حدثنا أحمد بن النضر العسكري ، حدثنا سعيد بن حفص النفيلي ، حدثنا محمد بن محصن العكاشي ، حدثنا الأوزاعي ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) أما من في السماوات فالملائكة ، وأما من في الأرض فمن ولد على الإسلام ، وأما كرها فمن أتي به من سبايا الأمم في السلاسل والأغلال ، يقادون إلى الجنة وهم كارهون " .وقد ورد في الصحيح : " عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل " وسيأتي له شاهد من وجه آخر ولكن المعنى الأول للآية أقوى .وقد قال وكيع في تفسيره : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) قال : هو كقوله : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) [ لقمان : 25 ] .وقال أيضا : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) قال : حين أخذ الميثاق .( وإليه يرجعون ) أي : يوم المعاد ، فيجازي كلا بعمله .

محرك بحث عميق
أي من الكلمات (Any word) كل الكلمات (All words)