لما ذكر المعتذرين، وكانوا على قسمين، قسم معذور في الشرع، وقسم غير معذور، ذكر ذلك بقوله:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} في أبدانهم وأبصارهم، الذين لا قوة لهم على الخروج والقتال. {وَلَا عَلَى الْمَرْضَى}.وهذا شامل لجميع أنواع المرض الذي لا يقدر صاحبه معه على الخروج والجهاد، من عرج، وعمى، وحمى، وذات الجنب، والفالج، وغير ذلك.{وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ} أي: لا يجدون زادا، ولا راحلة يتبلغون بها في سفرهم، فهؤلاء ليس عليهم حرج، بشرط أن ينصحوا للّه ورسوله، بأن يكونوا صادقي الإيمان، وأن يكون من نيتهم وعزمهم أنهم لو قدروا لجاهدوا، وأن يفعلوا ما يقدرون عليه من الحث والترغيب والتشجيع على الجهاد.{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} أي: من سبيل يكون عليهم فيه تبعة، فإنهم ـ بإحسانهم فيما عليهم من حقوق اللّه وحقوق العباد ـ أسقطوا توجه اللوم عليهم، وإذا أحسن العبد فيما يقدر عليه، سقط عنه ما لا يقدر عليه.ويستدل بهذه الآية على قاعدة وهي: أن من أحسن على غيره، في [نفسه] أو في ماله، ونحو ذلك، ثم ترتب على إحسانه نقص أو تلف، أنه غير ضامن لأنه محسن، ولا سبيل على المحسنين، كما أنه يدل على أن غير المحسن ـ وهو المسيء ـ كالمفرط، أن عليه الضمان.{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ومن مغفرته ورحمته، عفا عن العاجزين، وأثابهم بنيتهم الجازمة ثواب القادرين الفاعلين.